الأسواق الثلاثة (العطارين، اللحامين، والخواجات)
«... وقد ذكر المسافرون انهم لم يروا مثل هذه الاسواق الثلاثة في الترتيب والبناء في بلدة من البلدان، وان ذلك من المحاسن التي لبيت المقدس». مجير الدين الحنبلي
سوق العطارين
سوق العطارين هو السوق الأوسط من الأسواق الثلاثة، وهو يشكل القسم الأوسط أيضا من شارع الاكاردو، حيث يمتد هذا القسم من نهاية سوق خان الزيت حتى بداية الباشورة أو بداية طريق حارة الشرف (حارة اليهود). وينصح أن يُزار هذا السوق كاملا، فهو ليس بالطويل، ولا يستغرق وقتاً كبيراً ، والملاحظ ان هذا السوق ضيق نسبيا، وجميعه مسقوف بأقبية متقاطعة تتوسطها فتحات للتهوية والاضاءة، وحينما تمر خطوط أشعة الشمس من خلال هذه الفتحات، وتنعكس على البضائع المعروضة في الحوانيت ذات الالوان المتعددة، فإنها تضفي على هذا السوق لمسة شاعرية تجعل من المرور فيه متعة تستحق التجربة.
غياب تخصص العطارة
والى فترة قريبة كان هذا السوق مخصصا لمحلات العطارة العربية والشرقية ومنها جاءت واستمرت تسميته، لكن تطور وتسارع الحياة وانفتاح القدس على الحياة الحديثة قلّل من هذه المحال لتصبح الآن لا تزيد عن ثلاث محال للعطارة، وبقية المحلات تعرض انواعاً مختلفة من البضاعة وإن كان يغلب عليها الأقمشة والأحذية، لكن تنوع الألوان وتعدد المعروضات يضفي لمسة من البازار الشرقي على معروضاته.
ربط الاسواق الثلاثة بممر
وفي وسط سوق العطارين يوجد ممر يربط بين الاسواق الثلاثة، تتيح الانتقال بسهولة ويسر بين الاسواق الثلاثة، بدلا من قطع كل السوق للانتقال من سوق لآخر، وهذا ما يقترح على سائر هذا المسار، فيتوازى مع سوق العطارين من الغرب سوق اللحامين ومن الشرق وعلى نفس امتداده يوجد قسم من سوق الخواجات.
سوق اللحامين
سوق اللحامين يعكس كثرة الحوانيت التي تختص ببيع مجموعة كبيرة من أنواع اللحوم والخضار، وقبل نصف قرن كان جزء كبير من حوانيت هذا السوق يختص باعمال الحدادة العربية والتقليدية والتي تعتمد على الطرق والكور والنفخ، وباعمال النحاس والطرق للمعادن الاخرى، اضافة الى تبيض الأدوات النحاسية، وقد اشتهر بهذه الاعمال مجموعة حرفيين محليين ومجموعة من طائفة الأرمن المقيمين في القدس فعرف احيانا بسوق النحاسين.
سوق الخواجات
وأما السوق الشرقي، فيُعرف باسم سوق الخواجات أي التجار، ويقصد بذلك تجار القماش والنسيج. وما يظهر من هذا السوق يتمثل فقط في الجزء الجنوبي منه، لان القسم الشمالي بحاجة الى كشف وتأهيل، نظرا لانهدام كثير من اجزائه الشمالية بعد زلزال عام 1927 وقد نتج عن تراكم الهدم ما يعرف بارض الصبرة والتي هي وقف لعائلة نسيبة، وهي الآن نقطة مستهدفة من جمعيات الاستيطان الصهيونية والمؤسسات الاخرى لجعل هذا الجزء يشكل امتداداً لحي حارة اليهود الواقع الى الجنوب منه.
نسيج الاسواق المعماري وأصوله
ان هذه الأسواق الثلاثة، والتي يمكن ترجيح تاريخها ونسيجها المعماري الحالي الى الفترة الايوبية، وقد يكون بعض من أساساتها تعود للفترة الرومانية مع تجديدات من الفترة الصليبية، قد أقيمت كما تدل الحفريات والمكتشفات الاثرية، على انقاض وخطوط السوق الروماني والبيزنطي. وسوق اللحامين وسوق الخواجات مثلها في ذلك مثل سوق العطارين مسقوفة باقبية متقاطعة تتوسطها فتحات للتهوية والاضاءة، وأرضياتها مبلطة بالبلاط الحجري المشهور في مدينة القدس، والواقع ان البلاط ميزة أساسية من مميزات مدينة القدس حيث ورد ذكرها عند ناصر خسرو الذي زار المدينة في العهد الفاطمي في القرن الخامس الهجري. ولقد قرظ مجير الدين هذه الاسواق الثلاثة بان قال: "..وايضا الاسواق الثلاثة المجاورة ... وهي من بناء الروم ممتدة قبلة "جنوباً" بشام "شمالاً" ومن بعضها الى بعض منافذ. فالأول منه سوق العطارين وقف الملك صلاح الدين رحمة الله تعالى على مدرسته الصلاحية، والذي يليه الأوسط لبيع الخضروات والذي يليه لجهة الشرق لبيع القماش وهما وقف على مصالح المسجد الاقصى الشريف.