المجتمع الفلسطيني في القدس

المجتمع الفلسطيني في القدس

منذ أكثر من أربعة عشر قرنا (بداية الفترة الإسلامية) كان المجتمع المقدسي مجتمعا متعدد الديانات والأعراق، فلم يتم وضع قيود على السكن في المدينة، فقد عاش في المدينة مسيحيين ومسلمين ويهود، عرب ويونان وآراميين وأرمن وسريان وجورجين ... إلخ، وفي الفترة الصليبية (1099-1187) تغيرت التعددية إلى تعددية غربية. وبعدها استعادت القدس هويتها من جديد، حيث تعايشت الديانات السماوية مع بعضها في القدس، مرورا بفترات مشرقة ساد فيها التسامح والعيش المشترك، وفترات أقل إشراقا، لكنها لم تكن خلال كل هذه الفترات مغلقة أمام الزائر او من يريد الاقامة فيها.

 

المجتمع الفلسطيني في القدس هو نتاج كل الفترات التاريخية التي مرت على المدينة، ورث منها الكثير من العادات والتقاليد التي انصهرت في المدينة وسكانها مشكلة مجمعا متسامحا بطبعه، فلم يكن من النادر احتواء البيت الواحد على عائلة مسيحية أرثوذكسية وعائلة مسلمة وآخرى أرمنية، كما كانت بعض بيوت البلدة القديمة (قبل العام 1948) تشمل على مسلمين ويهود سواء شرقيين او غربيين.
 

تتبع الكثير من عائلات القدس الفلسطينية تاريخها إلى أكثر من 1000 عام في المدينة، وعائلات أخرى تستطيع عبر السجلات والوثائق إثبات وجودها في المدينة إلى أبعد من ستة قرون. وتشمل سجلات المحكمة الشرعية في القدس على معلومات هامة وتفصيلية حول المجتمع المقدسي منذ بداية القرن السادس عشر وحتى بداية القرن العشرين، وهو سجل لا يوثق للمسلمين فقط، بل للمسيحيين واليهود أيضا.

 

يتشكل فلسطنينيوا القدس من مصادر مختلفة، جاءوا إلى المدينة مجموعات صغيرة او أفراد سواء مسلمين او مسيحيين او يهود، انخرطوا فيها وضاعت بعد أجيال سماتهم الأصلية وطغت عليهم الهوية المقدسية: عرب فلسطينيين وعرب من مختلف أنحاء العالم العربي، مغاربة، أتراك، أكراد، أفارقة، أرمن، غجر، أقباط، سريان، وبعض العائلات من الألبان والبوسنيين والأفغان والهنود. طبعا بالإضافة إلى مجموعات دينية عرقية ممثلة لكنائسها في المدينة.

 

ينقسم الفلسطنينيون من ناحية دينية إلى مسلمين ومسيحيين (اليهود الفلسطينيون انسحبوا بشكل عام من الشعب الفلسطينيي بعد قيام الحركة الصهيونية، لكن مازال بعضهم يصف نفسه بالفلسطيني). والمسلمون ينتمون كلهم إلى أهل السنة، في حين ينتمي المسيحيون إلى مختلف الطوائف الروم الأرثوذوكس(أكبر الطوائف)، الروم الكاثوليك (الملكيين)، اللاتين، السريان، الأقباط، الأحباش.

الفلسطينيون في القدس يعتبرون مدينتهم جزء لا يتجزأ من بلاد الشام، يشتركون مع مدنها مثل دمشق وحلب وغزة والخليل وبيروت ويافا وحمص والرملة ..الخ بالكثير من العادات والتقاليد، كما تشترك معها بالمطبخ الغني المتنوع، واللباس الفلكلوري، والرقص والموسيقى الشعبية. وينقسم سكان القدس اليوم إلى مجموعتين أساسيتين، الأولى هم سكان القدس الذين ينحدروم من عائلات تعيد وجودها في المدينة إلى قرون عديدة، والثانية التي تعيد أصولها إلى مدينة الخليل.