يتوجب السير حوالي 20 مترا إلى الجنوب الشرقي من باب الناظر للوصول الى هذا السبيل، لانه يقع في القسم الشمالي الغربي لساحة المسجد الأقصى.
أسماء السبيل وموقعه
سبيل مصطفى آغا هو في الواقع اصغر واجمل اسبلة المسجد الاقصى المبارك. واشتهر السبيل وعرف باسم «سبيل الشيخ بدير»، و«سبيل عثمان الفقاري». واقيم السبيل عند الزاوية الشمالية الغربية لمسطبة حجرية يقوم في جنوبها محراب، والسبيل مستقل البناء، باستثناء الجانب الشرقي من قاعدته التي تلاصق المسطبة السالفة الذكر.
مصدر المياه
كانت المياه تجلب للسبيل من مصادر قريبة بواسطة سقاء، عيّن من قبل الواقف، وكانت المياه تفرغ في الحوض الحجري الوحيد اسفل قبة السبيل، ثم يتناول المارة الماء الذي وصف في الكتابة المنقوشة بأنه «عذب فرات يشفى الصدا» أي العطش.
جمالية السبيل
رغم صغر حجم هذا السبيل، الذي تبلغ مساحته 1.5م x 1.5م، فانه يتمتع بتصميم فريد متوازن، وذوق فني راق. والواقع إن هذا السبيل لوحة فنية بحاجة لمن يتأملها ويفهمها ليستمتع بها. وجمال هذا السبيل لا يقتصر على تخطيطه المعماري، بل يشمل زخارفه الدقيقة المعبرة والممثلة لما ورد من أفكار في اللوحة التأسيسية.
ونص الكتابة التي تقوم في واجهة السبيل الشرقية الخلفية هو:
عـمّـره مــن حـــاز كــــل ســـؤدد وفـضـلـه قـد فـاض فـيما يـهـب
عين الأكارم والامــاجد مصــطفى قائمـقـام الـقدس نــال المـطــلب
كالسلسبيل ماؤه يشــفي الـــــصدا عــذب فـرات ساغ منـه المشرب
بـرسم مـن حــاز الفـخـار والعــلى عـثمـان بـيك للـفـقـارى ينسـب
يـبـغـي بــه الــجـزاء يـــوم مـــحـشـر فـي زمـرة الأخيار غـد يـحسب
كـلاهـمـا مـن حــوض طـه يرتــوي يـا حــبــذاك مــطــلــب ومـارب
كــلاهـمـا الــبــشــرى لــه تاريــخــه فـي قـدح مـن الـرحـيـق يشرب
المؤسس
باني السبيل هو مصطفى، حاكم القدس (قائمقام) في عام 1153/1740-1741. والاسم الكامل لهذا الحاكم، هو مصطفى أغا براونه زادة، ومصطفى أغا قد حكم القدس لمدة عشرين عاما 1144-1165/1731-1751، وانه أخذ تعهدا من أهالي سكان البيرة وبيت حنينا وبيت إكسا بعدم الاعتداء على المسافرين الى مدينة القدس.
وصف السبيل
يتكون مبنى السبيل من قاعدة مربعة، تحمل أربعة أعمدة صغيرة مزخرفة، وهذه بدورها تسند ثلاثة عقود تفتح على الجهة الشمالية والغربية والجنوبية، وأما الجهة الرابعة، الشرقية، فهي عبارة عن جدار مسمط. وتدعم العقود التي على هيئة حذوة الفرس قبة صغيرة كسيت مؤخرا ببلاط حجري.
وعليه فالسبيل يتكون من ثلاثة أجزاء: قاعدة مربعة، وبدن السبيل وفيه أربع واجهات، وقبة صغيرة. ويشغل جوف القسم العلوي من القاعدة حوض حجري، يبلغ طوله 85. م. وعمقه 40. م.، كان يحوي الماء الذي يحضره السقاء من بعض آبار المسجد الأقصى المبارك على الأغلب، لكن في عام 1988 طمر هذا الحوض وبلط منعا لتراكم الأوساخ فيه.
زخارف السبيل
يجمع الأعمدة الأربعة عدة صفات مشتركة مثل الحجم والشكل، والقواعد المستديرة والتيجان المقرنصة إلا أن موضوع وعناصر زخرفتها التي نفذت حول بدن الأعمدة تختلف اختلافا بينا في الموضوع وفي عدد الأضلاع المزخرفة. فبينما يشغل العمود الشمالي الغربي والعمود الشمالي الشرقي زخارف هندسية جامدة قوامها مثلثاث مكررة، فان الأعمدة التي تقوم في الزاوية الجنوبية الغربية والجنوبية الشرقية يشغلها زخارف تصويرية نباتية معبرة. وهذه الزخارف النباتية على ضربين، الأول قوامه إناء (قدح)، يقوم مقام مزهرية، ينبثق منه غصن يمتد على طول بدن العمود، و يتفرع من الغصن أوراق وأزهار ووريدات متعددة البتلات وفاكهة بعضها كمثري الشكل وبعضها الآخر قريب الشبه من الرمان. وهذا النوع من الزخارف يوجد في ثلاثة أضلاع من أضلاع العمود القائم في الزاوية الجنوبية الغربية، وللقدح شكلان. والضرب الثاني من الزخرفة عبارة عن شريط مكون من زخارف نباتية يغلب على تكوينها الوريدات المتنوعة.
رسالة الزخارف
يبدو أن لزخارف الارابسك هذه رسالة رمزية، علاوة على رسالتها الفنية، تتمثل في الإشارة إلى الجنة والى الثواب الذي ينتظر من يقوم بعمل الخير والثواب. ويبدو أن قريحة ناظم الشعر التقت مع يد الفنان التشكيلي لتصور لنا ما يجول في خاطر الواقف من صور مادية لتناول الماء القراح من سبيله بواسطة اقداح ليقابلها من ناحية روحانية الأمل بالشرب من حوض الرسول في الجنة. وقد عبرت عنها الزخارف خير تعبير. والملاحظ أن بعضا من عناصر هذه الزخارف ارتبطت بوصف الجنة في القران الكريم، فالرمان ذكر ثلاثة مرات في القران، والإشارة إلى الجنة ونعيمها ورد واضحا في الكتابة التأسيسية، ويجب أن لا ننسى أن اتجاه الأعمدة التي تضم الزخارف هو اتجاه القبلة.