الموقع
تقوم قبة الصخرة المشرفة في وسط منطقة المسجد الأقصى المبارك، وهي تتوسط ساحة مكشوفة ترتفع أرضيتها عن مستوى أرضية الجامع الأقصى بحوالي 4 أمتار. وتعرف هذه الساحة اليوم عند سكان القدس باسم سطح الصخرة، وتخطيط هذه الساحة قريبا من الشكل المربع، ويتوصل إليها عبر ثماني بوائك.
ماهية الصخرة المشرفة
الصخرة المشرفة صخر طبيعي غير منتظم الشكل (18م في 13م بارتفاع 1.5) محاطة اليوم بسياج خشبي مزخرف يعود في تاريخه إلى العهد الأيوبي. ويوجد أسفلها كهف مربع الشكل تقريبا (4.5م) فيه محرابان، إحداهما مجوف والثاني مسطح، هذا ويقوم عدد كبير من المسلمين بالصلاة داخل هذا الكهف لاعتقادهم ان الدعاء فيه مستجاب، واسوة بما قام به الرسول من الصلاة اماما بالانبياء اثناء معجزة الاسراء والمعراج.
اهمية ومكانة مبنى قبة الصخرة
هي ايقونة القدس وفلسطين ومحط رحلات الطلاب والمؤمنين والسواح والعلماء والفنانين. من ناحية تاريخية هي اقدم اثر معماري إسلامي قائم حتى يومنا هذا، ومن ناحية دينية فهي موقع معجزة الاسراء والمعراج بما تثيره في النفس من روحانيات وتجليات وما تمثله من مكانة في العقيدة الإسلامية، ومن ناحية فنية وزخرفية فهي معلم يؤرخ للفن الإسلامي في مراحل تكوينه وتشكيله المبكر، يضم زخارف فسفسائية يبلغ حجمها ما يقرب من 1000 الف متر مربع تعتبر من اروع تصاميم الفسفيساء وحالتها جيدة جدا والوانها مركزة، ومن ناحية معمارية فهي تحفة رائعة فريدة لم يُبنَ مثلها من حيث التصميم ولا من حيث الوظيفة في العمارة الإسلامية. ويشاهد اليوم مبنى قبة الصخرة كما بناه عبد الملك بن مروان دون أي تغير ملموس خاصة فيما يتعلق بالتخطيط والمساحة واغلب الزخارف. وهذه المحافظة نادرة جدا في العمارة الإسلامية فالعادة ان المساجد والمباني التذكارية يزاد عليها ويعدل في تخطيطها ومساحتها بحيث يصعب تتبع أو معرفة مراحلها الأولية. وهي من اجمل الآثار الإنسانية، فقد حازت على إعجاب زوارها بغض النظر عن انتماءاتهم أو ديانتهم وسواء أكانوا مختصين ام مشاهدين عاديين.
المؤسس والمشرفين
تجمع المصادر والمراجع التاريخية على ان الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان(65-86/685-705) هو الذي أمر ببناء قبة الصخرة. بدأ عبد الملك في بناء قبة الصخرة في عام 69/688-689 وأتمها في عام 72/691-692. أي ان البناء استغرق أربع سنوات، وقد صرف عبد الملك على البناء خراج مصر لسبع سنوات، وقد وكل على البناء رجاء بن حيوة، من اشهر رجالات فلسطين والمستشارين في العصر الأموي، ويزيد بن سلام وقد أمرهما بإفراغ المال إفراغا ولا يتوقفا في شيء.
وصف القبة من الخارج
تقوم القبة من الخارج على رقبة دائرية فتح فيها ستة عشرة نافذة كسيت بالزخارف الجصية وغطيت بقطع من الزجاج الملون الذي يكشف ويبرز الزخارف الجصية ذات التكوينات النباتية والكتابية والهندسية، وقد أُلبست رقبة القبة ببلاط من القاشاني ايضا يزينه نص كتابي وهو اقتباس قرآني لسورة الاسراء. وأما القبة التي تستند على الرقبة المذكورة، فهي كروية الشكل والمقطع، تغطيها صفائح النحاس المطلي بالذهب، ويعلو القبة الهلال الذهبي.
وقد فتح في الأضلاع الأربعة الأساسية أبواب توصل للداخل. ويبلغ امتداد كل ضلع من الأضلاع الثمانية حوالي 20.60 مترا وارتفاعه 9.50 مترا، وقد كسي القسم السفلي بحشوات من الرخام المعرق، في حين زخرف القسم العلوي ببلاط خزفي، متعدد الألوان والوحدات الزخرفية الهندسية والنباتية، هذا وقد فتح في القسم العلوي لكل ضلع من الأضلاع الثمانية سبعة شبابيك، خمسة نافذة، واثنتان في كل طرف صماء. لقد صمّمت الأبواب وبنيت بحيث يجعل بامكان الداخل من أي باب من أبواب المسجد، أن يرى جميع ما فيه من أعمدة ودعامات، التي أمامه، والتي في الجهة المقابلة لها، لا يحجبها عن نظره شيء، وذلك بايجاد انحناء بسيط في دائرة دعامات القبة، يبلغ درجتين ونصف درجة، حسب قياس العالم «ريشموند»، وثلاث درجات حسب قياس «كرزويل»، ولو لم يكن هذا الانحناء لحجبت الاعمدة الواقعة أمام الرائي الأعمدة الاخرى المقابلة لها في الطرف الآخر، لأنهما يكونان في هذه الحالة واقعين على خط مستقيم واحد.
تخطيط قبة الصخرة
تخطيط قبة الصخرة من الداخل عبارة عن مثمنان، داخلي وخارجي، يحيطان بالصخرة التي تعلوها القبة. ويقوم المثمن الخارجي على الجدران الثمانية من جهة وعلى ثماني دعامات وستة عشر عمودا بواقع عمودين بين كل دعامة. والمثمن الداخلي محصور بين المثمن الخارجي وبين الدعامات والأعمدة التي تسند رقبة القبة، وعدد هذه الدعامات أربع في حين عدد الأعمدة هنا بلغ اثنا عشر عمودا. وأقيمت بين الدعامات والأعمدة عقود نصف دائرية، ربطت مع بعضها البعض بروابط خشبية مزينة، وقد زخرفت واجهات العقود وبطونها بالزخارف الفسيفسائية والكتابية الكوفية المذهبة على أرضية ملونه.
وتستند القبة من الداخل على رقبة مستديرة تقوم على صف من العقود نصف الدائرية المحمولة على أربع دعائم واثني عشر عمودا سلف ذكرهم. وتقسم الرقبة إلى قسمين، السفلي شغل بزخارف فسيفسائية نباتية وهندسية وكتابية خضراء وذهبية اللون. واغلب هذه الزخارف تعود إلى العصر الأموي، وهي تشبه ما يوجد من زخارف في المسجد الأموي بدمشق. وقد استقطبت هذه الزخارف جهود العديد من العلماء والمختصين لتفسير هذه الزخارف وإذا ما كان لها مدلولات رمزية. وتشكل المزهريات والتيجان والعناصر النباتية من أوراق نخيليه وكيزان صنوبر ولولبيات وعناقيد واوراق العنب وغيرها من العناصر ابرز مواضيع هذه الفسيفساء.
قبة الصخرة زمن الفرنجة
مما يجدر ذكره ان الفرنجة قد حولوا قبة الصخرة إلى كنيسة وأطلقوا عليها اسم معبد الرب Templum Domini مع إضافة بعض الأيقونات والصلبان وسياج حديدي كان يحيط بالصخرة، وهو الآن محفوظ في المتحف الإسلامي بالمسجد الأقصى. ويبدو ان وضع هذا السياج يعزى إلى ما أورده ابن الأثير(ت 630/1232) في تاريخه من ان حجاج الفرنجة كانوا يبذلون الذهب والفضة في سبيل الحصول على قطعة من الصخرة مما نبه القائمين على الصخرة إلى خطورة استمرار ذلك مما كان سيؤدي إلى اختفاء الصخرة وهذا أدى إلى حماية الصخرة وأحاطتها بسياج حديدي.