مشاهدة الاشرفية، يستغرق قطع عشرات الامتار، باتجاه الشمال حيث باب السلسلة، احد ابواب المسجد الاقصى المبارك، لان الاشرفية توجد على الحد الغربي للمسجد الاقصى بين باب السلسلة وباب المطهرة وهي المدرسة الوحيدة التي تقوم مرافقها داخل المسجد الاقصى.

 

جوهرة المسجد الثالثة

عرفت الاشرفية  باسم  السلطانية، وتنسب المدرسة إلى السلطان الملك الأشرف سيف الدين ابو النصر  قايتباي الذي حكم ما يقرب من 29 عاما. وتشتهر المدرسة الأشرفية، بكونها أفخم مدارس بيت المقدس من الناحية المعمارية والفنية وأهمها من الناحية العلمية، فقد وصفها المؤرخ مجير الدين (901/1496) بالجوهرة الثالثة بعد قبة الصخرة  والجامع الاقصى. كما وأبدى الرحالة والمؤرخون الذين زاروها في القرنين العاشر/السادس عشر، والحادي عشر/السابع عشر اعجابهم بها وبنسيجها المعماري. ووصفها السائح التركي أوليا جلبي حوالي سنة1080/1669-1670 قائلا: «المدرسة السلطانية هي أحسن مدارس بيت المقدس». وأثناء رحلة العالم الصوفي عبد الغني النابلسي إلى بيت المقدس سنة 1102/1691 نزل فيها ووصفها بأنها مدرسة عظيمة ذات أهمية كبرى.

 

خصائص المدرسة الفنية

تتكون المدرسة الأشرفية من طابقين. والمدخل الرئيسي من ساحة المسجد الاقصى يمتاز بغناء عناصره المعمارية والزخرفية التي تشكل قمة الفن المعماري المملوكي في أعلى مراحل تكونه. والمدخل هو سقيفة مفتوحة من الجهتين الشرقية والجنوبية محمولة على عقدين مدببين ومغطاة بقبو مروحي. وتوجد فتحة المدخل في تجويف عميق تعلوه طاقية ملئت بالزخارف المحفورة والمرصعة بقطع من القاشاني المزجج. ويؤدي الباب إلى دركاة في شمالها قاعة كبيرة هي قاعة المجمع. وهذه القاعة تستخدم اليوم مركز فني لترميم وصيانة المخطوطات.  وفي الحائط الشرقي لهذه القاعة باب ونافذتان تطل على ساحة المسجد الاقصى المبارك، وفي حائطها الشمالي باب ونافذة، أما حائطها الجنوبي فيحتوي على نافذة أخرى ومحراب مزخرف بالرخام الملون.

 وفي جنوب الدركاة سلم حجري يصعد منه إلى الطابق العلوي والى مئذنة باب السلسلة.  والجزء الجنوبي من الطابق العلوي في حالة متهدمة، غير أن تخطيطه واضح المعالم ويتفق مع الطراز المملوكي ذي الإيوانات الأربعة المتعامدة. وكان يتوسطه صحن مركزي يحيط به إيوانان رئيسيان من الشمال والجنوب وإيوانان صغيران من الشرق والغرب. ولم يبق من هذه الأواوين شئ باستثناء الإيوان الجنوبي وفيه محراب.

 

كادر المدرسة

يذكر مجير الدين أن السلطان جعل عدد الصوفية فيها ستين شخصا لكل واحد منهم مخصص شهري قدره 45 درهماً وعين لها أرباب وظائف وأمر بدفع راتب شهري للشيخ مقداره 500 درهم. وحسب وثيقة محفوظة في وزارة الأوقاف بالقاهرة وقف قايتباي على مدرسته الأراضي والأملاك الوفيرة، من ضمنها أراض لـ 28 قرية منتشرة في مناطق كل من غزة والرملة والقدس والخليل؛ وفي غزة اشتملت على خان وحمام ومعصرتين وطاحون وفرن وإسطبل وحوانيت ودور.