اول محطات هذا المسار هو مبنى المتحف الفلسطيني، الذي يوجد في نهاية شارع السلطان سليمان القانوني(رقم 27) الى الشرق من المدرسة الرشيدية، وهو يقابل الزاوية الشمالية الشرقية لسور القدس حيث برج اللقلق. ساعات فتح المتحف من الاحد-الخميس من 10 صباحا حتى 3 بعد الظهر. ايام السبت 10-2. تلفون 026708074.
المشهد الموقع
ان مبنى هذا المتحف من معالم مدينة القدس البارزة، فبرج المتحف الحجري السداسي يلفت النظر من مسافات بعيدة ومن علو، خاصة وان المتحف انشئ على تلة، وعلى بقعة ارض كانت ولا تزال تعرف بكرم الشيخ محمد الخليلي، حيث لا تزال معالم قصره المكون من طابقين ماثلة وقائمة. وطراز هذا القصر يمثل أصدق تمثيل طرز العمارة العثمانية المحلية التقليدية التي سادت في القدس وفلسطين منذ نصف اوائل القرن السابع عشر واستمرت حتى دخول التأثيرات والتيارات البنائية الحديثة.
المؤسس والاهداف
يعرف المتحف باسم متحف اثار فلسطين ايضا، ومشهور في الكتابات الغربية بمتحف روكفلر، على اسم الثري الامريكي جون روكفلر، الذي تبرع بمبلغ 2 مليون دولار لانشاء المتحف وذلك في اواخر العقد الثاني من القرن العشرين. واسس المتحف ليضم ما اكتشف وما سيكشف عنه من آثار فلسطين.
مجموعة المتحف
رغم ان مقتنيات المتحف ليست من الاهتمامات المباشرة لهذا الدليل، الا ان الكاتب يشجع كثيرا على زيارة مجموعات المتحف، وعلى تأمل المبنى من الداخل، لان التعرف على المبنى لن يكتمل الا بمشاهدة الداخل والخارج. علاوة على ان مجموعات المتحف هامة جدا وغنية، كان فيها بعض من لفائف خربة قمران، لكن نقلت لاحقا بعد عام 1967 الى المتحف الاسرائيلي وهذه تعتبر من اهم مكتشفات القرن العشرين. ولا يزال في المتحف مجموعة كبيرة من حشوات خشبية من المسجد الاقصى المبارك على سبيل الاعارة المؤقتة، و كانت هذه الحشوات تغطى سقف الجامع الاقصى. وفي المتحف اعتاب حجرية منقوشة من مدخل كنيسة القيامة، اضافة الى مكتشفات هامة من مجدو، وعسقلان والقدس ولخيش وغيرها من المواقع.
المهندس المصمم
صمم مبنى المتحف المهندس البريطاني، اوستين سانت بارب هاريسون (1891-1976)، الذي درس العمارة الاسلامية والبيزنطية. وقد اعجب بالعمارة الاسلامية كثيرا، وعين في منصب المهندس المعماري الرئيسي لدائرة الاعمال العامة لحكومة الانتداب البريطاني. وسكن هاريسون في القدس في بيت عربي في حي الثوري. وامتاز اسلوب هاريسون في تصميمه لمبنى المتحف وفي معظم بناياته، والتي كان منها مبنى قصر المندوب السامي البريطاني(حاليا مقر هئية الامم المتحدة)، بالمزج بين الاساليب المعمارية الغربية وروح الشرق والعمارة المحلية التقليدية. وهذا ما نجده في مبنى المتحف، حيث تبنّى من الغرب المخطط العام السائد في اوروبا في المباني العامة المؤلفة من عدة وحدات معمارية، فقاعات المتحف صممت مثل قاعات الكنائس ذات الشبابيك المرتفعة التي تستغل الضوء الطبيعي. وتأثر بمباني بلدة القدس القديمة فجعل هناك اختلافاً في ارتفاعات مباني المتحف المتعددة، ومن العمارة الاسلامية الاندلسية اقتبس بركة المتحف الداخلية. وكان للتأثيرات المحلية المقدسية اثرا واضح على تصميم هاريسون، خاصة في استخدام خامة الحجر، وطريقة دقاقة الحجارة، ومجموعة العقود والقباب، وكان للبلاط الارمني مكان مرموق في الزخرفة والتصميم بتوقيع الفنان دافيد اوهانسيان (1884-1952). ومبنى المتحف في الواقع هو متحف معماري يظهر التيارات الواردة الى القدس وفي نفس الوقت يظهر اثر العمارة المحلية.
غصة في الحلق
وفي نفس الفلسطينى، فان المتحف يثير ذكريات مزدوجه متناقضة، فهو مكان لمعروضات تراثه وحضارته العظيمة وفي نفس الوقت يثير ذكريات اليمة، حيث جرت في جنبات المتحف مواجهات في عام 1967. وقد قامت اسرائيل بضم المتحف الى سلطة الآثار الاسرائيلية مباشرة بعد عام 1967، على اساس انها استولت عليه باعتباره من ممتلكات الحكومة الاردنية. وقد اثار عرض بعض مقتنيات المتحف، ضمن معروضات متحف اسرائيل في امريكا معارضة من قبل اكبر واشهر المتاحف الامريكية.